.
تعليقا على مقال علاء اللامي
"شهادة لباحث غربي حول الإلحاد الجديد المعادي للإسلام حصرا"
.
نشر علاء اليوم مقالا بعنوان "شهادة لباحث غربي حول الإلحاد الجديد المعادي للإسلام حصرا" تحدث فيه عن مقال لكاتب استرالي وصفه بـ"المنصف" موضوعه الملحدون الجدد وهجومهم على الإسلام. ومن الملاحظ أن علاء اللامي قد أغلق التعليقات على مقاله بالكامل، وهذا تصرّف يشي بخوف الكاتب ممن يعلّق على كلامه ويبيّن له أخطاءه وضيق أفق رؤيته أو إنحيازه اللامنطقي وغير المبرر لرأي دون ٱخر. لذلك أردت التعليق على هذا المقال في مقال أجمع فيه ملاحظاتي الأوّليّة... فالموضوع كبير وقد يطول الحديث عنه.
هذه الملاحظات نبدأها كما يلي:
أولا، يقول الكاتب "أن عداء بعض دعاة الإلحاد في عصرنا للإسلام على جهة التخصيص يختلف تماما عن الإلحاد الفلسفي العقلاني الذي يتعامل مع جميع الأديان من منطلق فلسفي واحد." فهل العداء للإسلام تهمة او جريمة؟ لا. من حق أي شخص أن يعادي ما يريد من الأفكار. وأنت نفسك تعادي الإلحاد (وإلا لما كتبت هذا المقال). إذن، فكما ترى من حقك أن تعادي الإلحاد، من حق الملحدين أن يعادوا الإسلام، وعلى جهة التخصيص ايضا، دون أن يكونوا ملزمين بتبىير ذلك. العداء للإسلام او ما يسمى "إسلاموفوبيا" هو حقّ إنسانيّ لا جدال فيه، يندرج تحت حرية التعبير والضمير. فهل انت مع حرية التعبير والضمير أم ضدّها؟ الواضح انك مع الحرية، وإلا لما نشرت مقالاتك في موقع الحوار المتمدن. فلا تكن منافقا، تعطي نفسك الحق في شيء وتمنعه عن غيرك.
ثانيا، الإلحاد ليس بالضرورة على الشكل الذي تتخيّله. أنت تصنع لنفسك أنموذجا للإلحاد وتريد أن ترى كل الملحدين يلتزمون به. فهل يصح هذا؟ وقولك "بعض دعاة الإلحاد" يتناقض مع رجل القش الذي صنعته. الإلحاد هو فقط "عدم تصديق خرافات الأديان بسبب عدم وجود أدلة تثبت صحتها وبسبب فشل المؤمنين (أصحاب الإدعاء) في الإتيان بأدلّة تثبت صحة أكاذيب الكتب المنسوبة للسماء. هذه هي النقطة الوحيدة التي يلتقي عندها كل الملحدين. أما بقية التفاصيل (طريقة طرح الأسىلة والإشكاليات، طريقة التفكير، طريقة التعبير، التركيز على دين واحد أو على أكثر من دين، إلخ) فهذه أشياء متروكة لطبيعة كل ملحد وطبيعة خلفيّته وثقافته وبراعته في صياغة أفكاره واسلوبه الخاص (الميل إلى التحليل العقلاني، الطرح الفلسفي، الطرح العلمي التجريبي، السخرية، الإستهزاء، إلخ). فلا تصنع رجل قش في المرة القادمة.
ثالثا، تقول "واليوم، ومن منطلق التلاقي المضموني مع باحث غربي منصف، أنشر هنا مقتبساً من دراسة لباحث أسترالي هو وليم إميرسون. الدراسة بعنوان "الإلحاد الجديد والإسلام"، انطوت على مضمون شديد القرب من مضمون كلامي هذا." ما معنى باحث غربي منصف؟ ما المقياس الذي يمكننا من خلاله غربلة الباحثين بين باحثين منصفين وباحثين غير منصفين؟ لا شيء. لا يوجد مقياس. إذن، تصنيفك مبني على حكمك الشخصي فقط. فهل الحكم الشخصي "عقلاني" (بما انك تطرح فكرة العقلانية)؟ لا. بل هو حكم عاطفي تبنّيته انت بسبب توافقه مع ما تعتقده. فأين العقلانية التي تطالب بها الٱخرين؟
رابعا، انت تقول "حبذتُ أن أعود إلى الدراسة الأصلية نفسها وترجمت منها بعض الفقرات بترجمتي غير الاحترافية. كتب إميرسون: "إنَّ "الجديد" في كتابات الملحدين الجدد ليس عدوانيتهم، ولا جماهيريتهم غير العادية، ولا حتى نهجهم العلمي في التعامل مع الدين، بل هو هجومهم ليس فقط على الإسلاموية السياسية المتشددة، ولكن أيضاً على الإسلام "الدين" نفسه تحت ستار نقدهم العام للدين. لقد ساهمت الحركة الإلحادية الجديدة في تقوية العداء ضد الإسلام وربما تكون قد ألهبت العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين." الا ترى ان الكلام متناقض؟ يعني الملحدون الجدد يتعاملون مع الدين وفقا لنهج علمي ولكن هذا لا يعجب إميرسون ولا يعجبك أنت ايضا. وفي نفس الوقت تطالب بنهج فلسفي عقلاني؟ أليس العلم مبنيا على الأدلة الواضحة والتجريبية؟ وحتى لغويا، أليست الأدلة العلمية أعلى درجة من الحجج الفلسفية؟ ثم ما الضرر في هجوم الملحدين على الإسلام كدين؟ أليس هذا هو عين المنطق؟ الإسلام مرض وتطرف المسلمين أحد اعراضه ومن المنطقي والمفهوم أن تتوجّه الجهود لمحاربة المرض نفسه، وليس الإهتمام بأعراضه. من اعراض الإصابة بفيروس كورونا إرتفاع درجات حرارة الجسم، فهل نكتفي بإعطاء المريض دواء يخفّض الحرارة أم نعطيه تلقيحا يستهدف الفيروس نفسه؟ كذلك الحال مع الإسلام.
أكتفي بهذه النقاط في الوقت الحالي، نظرا لضيق وقتي، وقد أتطرق للموضوع في وقت لاحق.
.