الثلاثاء، 21 يناير 2025

🟡 أريج ونور القمر (قصة قصيرة)

.

أريج ونور القمر

.

كانت أريج تقف وسط المسرح، أنوار الكشافات ترقص على وجهها، تتمايل بجسدها كغصن شجرة تحت نسيم الربيع. في تلك اللحظات، كانت تشعر بأنها تتحرر من كل القيود، وكأنها تطير فوق سماء الأحلام. كانت الموسيقى تأخذها إلى عالم آخر، بعيدًا عن صوت أقربائها وصخب الانتقادات.

لكن بينما كانت الأضواء تغمرها، كان جزء من قلبها مثقلا بالحزن. كانت تعرف أن أمها، التي لطالما كانت سندها، تحمل عبئًا لا يمكن تجاهله. كانت أريج ترى الألم في عيني أمها كلما نظرت إليها. كانت الأم، رُقيّة، تراقب ابنتها وهي تعبر عن نفسها بحرية، لكنها لم تستطع أن تتصالح مع تلك الحرية التي اعتبرتها مخالفة لكل ما نشأت عليه.

في تلك الليلة، عادت أريج إلى البيت متأخرة. كانت الشوارع هادئة والقمر مكتملًا، يضيء طريقها كأنه يشفق عليها. دخلت البيت لتجد أمها جالسة على الأريكة، عيناها محمرتان من البكاء وصوت أنفاس ثقيلة يملأ الغرفة.

قالت الأم بصوت مكسور: "يا أريج، هل تعلمين ما قاله الناس عنكِ اليوم؟ هل تعلمين كم هو مؤلم أن تُطعن كرامتي كأم بسببك؟".

وقفت أريج صامتة للحظة، ثم جلست بجانب أمها وأمسكت يدها.

"أمي، أعلم أنكِ تعانين. لكن هل فكرتِ يومًا أنني أعاني أنا أيضًا؟ هذا العالم الذي أعيش فيه صعب، وأنا أحتاجك بجانبي، لا أن تكوني ضدي. أحتاج دعمك لأقف أمام العالم".

نظرت الأم إليها، الدموع تلمع في عينيها، وقالت: "لكن لماذا اخترتِ هذا الطريق، يا أريج؟ لماذا لم تختاري شيئًا يرفع رأسنا أمام الناس؟".

ابتسمت أريج بحزن، وأجابت: "لأن هذا ما يجعلني أشعر أنني أعيش، يا أمي. الرقص بالنسبة لي ليس عيبًا، إنه فن. إنه طريقتي للتعبير عن نفسي، عن أحلامي، وعن ألمي. أريدكِ أن ترى النور في هذا، بدلًا من الظلام".

في تلك اللحظة، عادت رقيّة بذاكرتها إلى أيام شبابها. تذكرت كيف كانت تحلم بأن تصبح رسّامة، لكنها دفنت أحلامها تحت وطأة التقاليد وضغط العائلة وزواج مبكّر كانت أريج نتيجته. شعرت وكأن كلمات أريج توقظ في قلبها شوقًا قديمًا، وكأنها ترى نفسها في عيني ابنتها.

بصوت هادئ، قالت: "ربما كنت قاسية عليكِ، يا أريج. ربما لم أكن أفهمكِ. لكنني أعدكِ أن أحاول. سأحاول أن أرى هذا النور الذي تتحدثين عنه".

ابتسمت أريج بحرارة، وضمّت أمها بحنان.

"هذا كل ما أطلبه، يا أمي. فقط أن تحاولي أن تريني بعينيكِ حبًا، لا خوفًا. أن تريني بعينيك أنت، لا بأعين الناس".

منذ تلك الليلة، بدأت العلاقة بين أريج وأمها تتغيّر. أصبحت الأم تزور أريج أحيانًا في عملها، وتراقبها وهي تؤدي على المسرح. كانت ترى في رقص ابنتها جمالًا لم تفهمه من قبل. شيئًا فشيئًا، بدأ كلام الأقارب يفقد تأثيره عليها، لأن حبها لإبنتها أصبح أقوى من كل شيء.

أما أريج، فقد شعرت بدفء جديد يملأ حياتها. لم تعد ترى في أمها عائقًا، بل أصبحت شريكتها في الحلم. وفي كل مرة كانت تقف فيها على المسرح، كانت تشعر بأن نور القمر الذي يضيء حياتها ليس فقط ضوء السماء، بل أيضًا حب أمها الذي لا ينطفئ.

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🔴 عن النشوة الجنسية

عن النشوة الجنسية . .  النشوة الجنسية، ذروة الإثارة الجنسية، هي تجربة معقدة ومتعددة الأوجه تختلف اختلافًا كبيرًا بين الأفراد. وهي تنطوي على ...