الثلاثاء، 21 يناير 2025

🟡 حب في المكتبة (قصة قصيرة)

.

حب في المكتبة


لم تكن "سارة" تتخيل أبدًا أن قلبها سيتسارع في مكان هادئ كهذا. كانت تعشق المكتبات منذ طفولتها، حيث تجد في رفوفها المليئة بالكتب عالمًا آخر يفتح لها أبواب الخيال. تلك المكتبة الصغيرة التي كانت تزورها كل أسبوع أصبحت جزءًا من طقوسها، مكانًا تجد فيه الهدوء والراحة بعيدًا عن صخب الحياة اليومية.

في أحد الأيام الممطرة، كانت سارة تقلب صفحات كتاب لم تنتهِ من قراءته في المرة السابقة. شعرت بحركة خلفها، فالتفتت لتجد شابًا طويل القامة، بشعر بني غير مرتب ونظارات تنزلق قليلاً عن أنفه، يحمل في يده كتابًا بعنوان "الفلسفة والبحث عن السعادة". عندما همّت بالتحرك، اصطدمت به دون قصد. ارتبكت قليلاً وقالت مبتسمة:

"آسفة، لم أنتبه."

رد الشاب بابتسامة هادئة: "لا بأس، ربما أنا من كنت مشتتًا."

كانت هذه الجملة بداية حوار بسيط تحول تدريجيًا إلى نقاش عميق. عرّف نفسه قائلًا: "أنا علي، أزور المكتبة كلما احتجت إلى الهروب من الواقع." شعرت سارة بأنها وجدت شخصًا يفهم حبها لهذا المكان. تبادلا الحديث عن الكتب التي يفضلانها، وعندما اكتشفا أن كلاهما يعشق الموسيقى الكلاسيكية، شعر كلاهما بأن القدر جمعهما.

تكررت لقاءاتهما في المكتبة، وكل مرة كانت تكشف عن جانب جديد من شخصيتيهما. أحب علي حس الدعابة الذكي لسارة، بينما أعجبت هي بعمق تفكيره ونظرته الفلسفية للحياة. كان كل لقاء بينهما كأنه صفحة جديدة من كتاب شيّق.

ذات يوم، بينما كانا يجلسان في زاوية المكتبة يتحدثان عن أحد الكتب، قال علي بنبرة جادة: "سارة، هل تؤمنين أن الأشخاص يمكن أن يلتقوا بصدفة تبدو بسيطة لكنها تحمل معنى كبيرًا؟"

ابتسمت سارة وأجابت: "ربما... مثل لقاءنا هذا."

ابتسم علي بامتنان وتابع: "أشعر بأنك شخص مميز جدًا، وأتمنى أن نتمكن من استكشاف الحياة خارج هذه المكتبة. هل تقبلين الخروج معي؟"

شعرت سارة بدفء مفاجئ في قلبها. كانت مترددة للحظة، ليس لأنها لا تريده، بل لأنها لم تكن تتوقع أن تتحول صداقتهما إلى شيء أعمق. لكن نظراته الصادقة شجعتها، فقالت وهي تبتسم: "أعتقد أنني لا أمانع."

منذ ذلك اليوم، بدأت رحلة جديدة لسارة وعلي. تحولت المكتبة إلى مكان يحمل ذكريات جميلة ومميزة لهما. كانا يقضيان ساعات طويلة يقرآن الكتب معًا، يتشاركان فنجانًا من القهوة ويتحدثان عن أحلامهما المستقبلية.

بعد عدة أشهر، قرر علي أن يفاجئ سارة. عندما دخلت المكتبة في يومها المعتاد، وجدت على طاولتها كتابًا صغيرًا مغلفًا بعناية. فتحت الكتاب لتجد صفحة مكتوبًا عليها بخط يد علي:

"الحب مثل كتاب جيد، كلما قرأناه أكثر، زاد جماله. هل تقبلين أن تكوني قصتي التي أكتبها إلى الأبد؟"

نظرت سارة إلى علي الذي كان يقف على بُعد خطوات منها، مبتسمًا وفي يده وردة. لم تستطع أن تتمالك دموعها، وأجابت بحماس: "نعم، وسأكون أسعد أن أشاركك كتابة هذه القصة."

وهكذا، تحولت صدفة بسيطة في المكتبة إلى حكاية حب كتبها القدر بعناية، لتكون شاهدًا على أن أجمل القصص قد تبدأ في أكثر الأماكن هدوءًا.

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🔴 عن النشوة الجنسية

عن النشوة الجنسية . .  النشوة الجنسية، ذروة الإثارة الجنسية، هي تجربة معقدة ومتعددة الأوجه تختلف اختلافًا كبيرًا بين الأفراد. وهي تنطوي على ...