الأربعاء، 22 يناير 2025

🟡 المدينة المغمورة (قصة قصيرة)

.

المدينة المغمورة

.

كان البحر هادئًا بشكل غريب ذلك الصباح، وأشعة الشمس تتراقص على سطح الماء. في عرض المحيط الأطلسي، كانت سفينة الأبحاث "نبتون" تبحر فوق منطقة يعرفها البحارة بقاعها العميق والمجهول. قاد البعثة عالم المحيطات الدكتور "ليام كارتر"، رجل ذو شغف لا يلين لاكتشاف الأسرار المخبأة في أعماق المحيط.

معه على متن السفينة كانت "إيلا"، عالمة آثار بحرية حادة الذكاء، و"ماكس"، مهندس غواصات شاب ذو خبرة في التعامل مع المعدات الحديثة. كانوا قد تلقوا إشارات غريبة من تحت الماء، إشارات بدت وكأنها نوع من الذبذبات المنتظمة، لم تكن طبيعية بأي حال.

"هذه ليست أصوات كائنات بحرية، وليست إشارات من السفن الغارقة. هناك شيء آخر هناك،" قال ليام بحماس وهو يراقب شاشة الرادار.

بعد يومين من التحضيرات، قرروا الغوص باستخدام الغواصة الصغيرة "أطلس". مع بداية النزول، شعر الفريق بشيء غريب، فالمياه أصبحت أكثر دفئًا، وكأنهم يقتربون من مصدر طاقة خفي. وبعد ساعات من الغوص، ظهرت أمامهم مشاهد لم يتوقعوها أبدًا.

مدينة كاملة، مغمورة تحت الماء، بنيت من هياكل حجرية عملاقة مغطاة بطبقات من الطحالب والشعاب المرجانية. كانت المباني ذات طراز معماري لا يشبه أي حضارة معروفة: أعمدة مزخرفة برموز غريبة، تماثيل لأشكال بشرية بعيون كبيرة، وقباب ضخمة تلمع بألوان قوس قزح بسبب انعكاس الضوء تحت الماء.

"هذا مستحيل..." تمتمت إيلا بدهشة وهي تضغط وجهها على زجاج الغواصة. "لقد قرأنا عن مدن غارقة كأطلانتس، لكن لم نجد شيئًا كهذا من قبل."

اقتربوا من الساحة المركزية للمدينة، حيث وقف تمثال ضخم على شكل كائن نصفه إنسان ونصفه سمكة. عند قاعدته كان هناك شيء أشبه بمذبح حجري عليه نقوش متوهجة بلون أزرق.

"النقوش هذه تشبه لغة رمزية قديمة... لكنها مختلفة تمامًا عما رأيناه من قبل،" قالت إيلا وهي تلتقط صورًا عبر كاميرات الغواصة.

ما أثار دهشتهم أكثر هو أن النقوش بدأت تتوهج بشكل أقوى عندما اقتربت الغواصة، وكأن المدينة "تستجيب" لوجودهم. فجأة، انفتح باب ضخم في أحد الأبنية الرئيسية، وخرج منه تيار ضوئي قوي جذب الغواصة نحوه.

حاول ماكس السيطرة على المركبة، لكنه لم يستطع. وجدوا أنفسهم يُسحبون داخل ممر مضاء بمصابيح طبيعية متوهجة كالكريستالات. عند نهايته، توقفوا في قاعة ضخمة تبدو كأنها مركز قيادة. على الجدران، شاشات حجرية تعرض صورًا ثلاثية الأبعاد لكوكب الأرض، ولكن ليس كما هو الآن، بل كما كان قبل آلاف السنين.

"هذه خريطة للأرض القديمة..." قال ليام وهو يشير إلى القارات التي تظهر على الشاشة، بعضها غير موجود في يومنا هذا.

وسط القاعة، كان هناك جهاز يشبه كرة زجاجية ضخمة تطفو في الهواء، ينبعث منها ضوء ناعم. اقتربت إيلا بحذر، وعندما لمست السطح الزجاجي، شعرت بدفق من الصور والأصوات يغمر عقلها. رأت مدنًا متطورة، مركبات تطير في السماء، وكائنات شبيهة بالبشر تتحدث لغة غريبة. ثم، رأت الطوفان العظيم الذي أغرق المدينة وجعلها تختفي عن وجه الأرض.

"هذه ليست مجرد مدينة غارقة... إنها حضارة متقدمة سبق أن سكنت الأرض!" صرخت إيلا عندما عادت إلى وعيها.

لكن الجهاز بدأ في إصدار صوت منخفض متزايد، وكأن شيئًا ما يُنشط داخله. فجأة، بدأ تيار من الطاقة يخرج منه، يملأ القاعة بضوء قوي.

"علينا المغادرة الآن!" صاح ماكس وهو يحاول إعادة تشغيل الغواصة.

لكن قبل أن يتمكنوا من الهروب، انفتح السقف فجأة، وقذفتهم قوة غامضة إلى سطح الماء. عندما استعادوا وعيهم على متن السفينة، لم يجدوا أي أثر للمدينة. كانت قد اختفت كما ظهرت.

"هل كنا نحلم؟" سأل ماكس بتردد.

لكن ليام، الذي أمسك بيده قرصًا صغيرًا كان قد التقطه من المذبح، نظر إليه وقال: "لا، لم يكن حلمًا. لدينا الدليل، وسنكتشف سرهم. لكن السؤال هو... هل نحن مستعدون لتحمل ما قد نكتشفه؟"

نظر الجميع إلى الأفق، حيث غابت الشمس وراء الأمواج، تاركة وراءها وعودًا غامضة وأسرارًا لم تُكشف بعد.

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🔴 عن النشوة الجنسية

عن النشوة الجنسية . .  النشوة الجنسية، ذروة الإثارة الجنسية، هي تجربة معقدة ومتعددة الأوجه تختلف اختلافًا كبيرًا بين الأفراد. وهي تنطوي على ...